ندين بشدة التوظيف غير المسبوق للبعثات الدبلوماسية المصرية كأدوات للقمع العابر للحدود ضد متظاهرين سلميين في الخارج. يُظهر تسريبٌ صوتي حديث لوزير الخارجية بدر عبد العاطي أنه يوجّه موظفي السفارات إلى: «هاته من قفاه ودخله علي جوا ويتكتف ويتجاب الشرطة…. طلع عين أبوه»—وهو توجيه صادم يقوّض بصورةٍ جذرية مبادئ القانون الدبلوماسي الدولي.
وقد تُرجم هذا التوجيه الخطير عمليًا إلى اعتداءات على أرض الواقع في عدد من الدول، ما يمثّل تصعيدًا خطيرًا للقمع العابر للحدود من قبل السلطات المصرية:
لاهاي (هولندا): في عدة حوادث خلال عام 2025، قيّد المتظاهرون بوابة السفارة المصرية تضامنًا مع غزة. وردّ موظفو السفارة بالاعتداء اللفظي عليهم، ولاحقًا قامت أجهزة الأمن الوطني داخل مصر باعتقال أفرادٍ من عائلاتهم. وعقب تسريب فيديو وزير الخارجية، بدأ موالون للنظام بالتجمهر أمام السفارة لمواجهة المتظاهرين وترهيبهم وتهديدهم، في تصعيد واضح للأساليب المتّبعة.
نيويورك (الولايات المتحدة): خلال احتجاج أمام البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة، سحب أفراد الأمن قسرًا مواطنَين أمريكيَّين—بينهما قاصر—إلى داخل مبنى البعثة، وانهالوا عليهما بالضرب بواسطة سلسلةٍ معدنية، ثم سلّموهما لشرطة نيويورك. وقد أُسقطت التُّهم لاحقًا عن أحد المتظاهرين، وخُفِّفت عن الآخر.
لندن (المملكة المتحدة): إلى جانب إساءة استخدام المباني الدبلوماسية، اعتمدت السلطات المصرية على موالين حكوميّين في الخارج—غالبًا بتنسيقٍ أو بدعمٍ لوجستي أو بتحريضٍ من مسؤولين—لتهديد النشطاء وترهيبهم والاعتداء عليهم جسديًا. وقد أدّت هذه الهجمات بالوكالة في الفضاءات العامة قرب مواقع الاحتجاج والمراكز المجتمعية إلى اعتقالات، ما يُظهر كيف يمتد القمع العابر للحدود خارج أسوار السفارات إلى شوارع العواصم الأوروبية.
وبينما كانت البعثات الدبلوماسية تستهدف المصريين في الخارج، كانت قوات الأمن داخل البلاد تُضيّق على عائلات صحفيين مصريين في المنفى وتستهدفهم. فقد اعتُقل على الأقل فردٌ واحد من عائلة صحفي في المنفى وتعرّض للإخفاء القسري انتقامًا من عمل الصحفي خارج البلاد. ورغم الإفراج عنه لاحقًا، فإن هذه الأفعال تُشكّل جزءًا من نمطٍ أوسع من الأساليب المستخدمة لاستهداف الصحفيين في المنفى، بما يشمل اعتقال أقاربهم، وحجب الوصول إلى وسائل إعلام تعمل من الخارج، واستهداف الصحفيين ببرمجياتٍ تجسس، وحرمان المقيمين في الخارج وأفراد عائلاتهم—بمن فيهم الأطفال—من الخدمات القنصلية ووثائق الهوية.
تمثّل هذه الأفعال انتهاكًا جسيمًا لالتزامات مصر بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961):
-
المادة 22(1): «تكون مباني البعثة مصونةً لا تُمسّ.» إنّ حرمة المباني تحمي السفارات من التدخل الخارجي، لكنها لا تُجيز للبعثات احتجاز المدنيين أو الاعتداء عليهم أو تعذيبهم.
-
المادة 41(1): «على جميع الأشخاص الذين يتمتعون بالامتيازات والحصانات واجب احترام قوانين وأنظمة الدولة المعتمدة لديها.» إن الأعمال العنيفة الأخيرة التي ارتكبتها السلطات المصرية تُخالف القوانين الوطنية في هولندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
-
المادة 41(3): «لا يجوز استخدام مباني البعثة بأي طريقة لا تتفق مع وظائف البعثة.» فالمهام الدبلوماسية هي للتمثيل والحماية، لا للتحوّل إلى أماكن احتجاز أو أدوات إكراه.
و بإساءة استخدام الحصانة الدبلوماسية للاعتداء على المتظاهرين واحتجازهم وترهيبهم، تُقوّض مصر أسس القانون الدبلوماسي الدولي وتستغلّ الحماية القانونية غطاءً للقمع.
تشير هذه الحوادث إلى تحوّلٍ خطير في حملة مصر العالمية لقمع المعارضين. فبينما انتهجت مصر تاريخيًا أساليب القمع العابر للحدود—كالترهيب والمضايقات والمراقبة وحملات التشويه وطلبات التسليم ذات الدوافع السياسية واعتقال أفراد العائلة—فإن المرحلة الراهنة تنطوي على تطورات مقلقة:
-
توظيف البعثات الدبلوماسية كمراكز عمليات لقمع المعارضين مباشرة؛
-
الانتقال من المضايقات الرقمية والقانونية إلى اعتداءاتٍ جسدية على أراضٍ أجنبية؛
-
استغلال الحصانة الدبلوماسية للإفلات من المساءلة;
-
العقاب بالوكالة استغلال أهالي المدافعين والصحفيين في الداخل كرهائن وعقابهم بالوكالة عن ناشطية ذويهم بالخارج;
-
عنفٌ أهلي مُمكَّن من الدولة: استخدام مجموعات موالية في الخارج لإسكات المنتقدين. إن هذا النمط يُشكّل تهديدًا وشيكًا للنشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في المنفى، ويُنذر بتطبيع العنف داخل الفضاءات الدبلوماسية إذا تُرك دون مواجهة.
نطالب باتخاذ إجراءاتٍ عاجلة ومنسّقة للتعامل مع هذا التصعيد غير المسبوق:
-
تحقيقاتٌ مستقلة من حكومات الدول المضيفة
نحثّ السلطات المختصة في هولندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة على التحقيق الفوري في هذه الوقائع والمطالبة بمحاسبةٍ كاملة من الجانب المصري. -
إجراءات المساءلة
ينبغي على الدول المضيفة النظر في إعلان الدبلوماسيين المصريين المسؤولين «أشخاصًا غير مرغوبٍ فيهم» بموجب المادة 9 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عند انخراط البعثات في سلوكٍ لا يتوافق مع وظائفها. كما ينبغي استكشاف إمكانية تحريك دعاوى قضائية بموجب القوانين الوطنية، لا سيما فيما يتعلق بأعمال الاعتداء والاحتجاز غير القانوني أو أي سلوكٍ إجرامي آخر ارتكبه موظفون دبلوماسيون، لضمان المساءلة بما يتجاوز المعالجات الدبلوماسية. -
تدخل أممي :
ندعو المقرّر الخاص المعني بالتعذيب، والمقرّر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسّفي إلى التحقيق في سلوك مصر وإصدار مراسلاتٍ عاجلة بشأن إساءة استخدام الحصانة الدبلوماسية في ارتكاب أعمال القمع العابر للحدود. -
حماية المتظاهرين والمدافعين:
نحثّ حكومات الدول المضيفة على كفالة سلامة المتظاهرين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان قدرتهم على ممارسة حقوقهم دون عنفٍ أو ترهيبٍ أو احتجازٍ غير قانوني من قبل موظفين دبلوماسيين.
الموقّعون:
- الجبهة المصرية لحقوق الانسان (EFHR)
- مؤسسة دعم القانون والديمقراطية (LDSF)
- Vuka! Coalition for Civic Action
- الديمقراطية الرقمية الان
- ريدورد لحقوق الإنسان وحرية التعبير
- شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان في غرب أفريقيا
- هيومينا لحقوق الإنسان
- مركز دراسات الشرق الأوسط للديمقراطية
- CIVICUS
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان (SFHR)
- مركز النديم
- فير سكوير
- يوروميد للحقوق (EuroMed Rights)
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)
- ايجيت وايد لحقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب في إطار «مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان» (OMCT)
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في إطار «مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان»(FIDH)
- الشراكة من أجل الحماية المتكاملة (PPI)
- منصة اللاجئين في مصر (RPE)